القائمة الرئيسية

الصفحات



ذكريات سائق شاحنة
القصة السابعة ( 7 )

بعد يوم صيفي مرهق وشاق، تصل درجة الحرارة فيه الى ما فوق الاربعين، تم إنزال الحمولة من الشاحنة، بالمنظقة الصناعية بالرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية..

توجهت الى منطقة اسمها الملز ، فيها مكان لتجمع الشاحنات للإستراحة، وتحميل الشاحنات من البضائع السعودية لباقي الدول العربية.

قابلت أصدقاء لي من السائقين في ذلك المكان، لينتظروا تحميل شاحناتهم ومغادرة السعودية، جلسنا معا نتحدث عن أحوال التحميل، وغير ذلك من الامور، مع احتساء الشاي الذي تم تحضيره من قبل زميل لنا .

بذلك الوقت سمعنا آذان الظهر بمكبرات الصوت التي بالمساجد القريبة منا ..
وبينما كنا على هذا الحال داهمتنا سيارة ( المطاوعة ) وهو الإسم الشائع لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نزل منها اربعة مشايخ لحاهم طويلة ومحنية باللون الأحمر، وبأيديهم عصي خشبية كأنهم متوجهون للقتال. مهمتهم إعتقال وحبس من لا يصلي بوقت الصلاه.

فلاحظهم السائقين وهم متوجهون الينا، فقالوا لنا لماذا لم تذهبوا للصلاة..

فمسك أحد المطاوعة بقوة بيدي..

وأنا لا أعلم من قبل، ولم يذكر لي أحد ان الذي يمسكوه يتم إعتقاله وزجه بالسجن؛ طوال اليوم الى ما بعد صلاة العشاء ويتم الافراج عنه بعد ذلك .. أحد الزملاء كان يغسل أكواب الشاي فقال لهم كما تشاهدون إنني اتوضأ للصلاة، فتركوه والبعض عندما شاهد إنهم أمسكوا بي هرب منهم، وقسم منهم قد صعد الى أعلى صندوق الشاحنة، لكي لا يتسنى الامساك به. قلت لهم لماذا تمسكوا بي.. 

الأن فقط آُذن لصلاة الظهر، وأنا أصلي والحمد لله، ووقت الصلاة لم تنقضي بعد ..فرد أحدهم قائلا لو كنت تصلي لما رأيناك جالس على الكرسي وكأن الصلاة لا تخطر على بالك، فجادلتهم ولكن لم يقتنعوا من كلامي، ولا حياة لمن تنادي.. عقولهم كالصخر ولم يكترثوا من الكلام الذي جادلتهم به..

لم يتمكنوا من الإمساك بأحد من السائقين غيري ..(محظوظ)

وقد تم ايداعي بنظارة مخفر منطقة ( الملز ) وكان في النظاره محتجزين أكثر من عشرون شخصاً تهمتهم كتهمتي (عدم الصلاة ) وقلت بداخلي الله يسامح أصدقائي لماذا لم يذكروا لي هذا الأمر ويحذرونني من هذه الهيئة (المطاوعة )...

عند وقت صلاة العصر جاء شيخ من هؤلاء المطاوعة بدأ يلقي محاضرة لنا عن الصلاة ..هل تعلموا إخواني الأعزاء ما هو مضمون المحاضرة ..( الصلاة عامود الدين من تركها فقد كفر ..الصلاة الصلاة يا مسلمين يا من تغفلون عنها ..الفرق بين الكافر والمسلم ترك الصلاة ) ..هذه هي مضمون هذه المحاضره فقط ..

وبعدها قال إذهبوا للوضوء لكي تصلوا لعل الله يغفر لكم . ففعلنا ذلك ..وذهب الشيخ المطوع ..وبقينا الى وقت آذان المغرب محتجزين .

جاء الشيخ المطوع نفسه الذي القى علينا المحاضرة عند صلاة العصر بوقت صلاة المغرب.. والقى علينا المحاضرة نفسها عن الصلاة لم يزد ولم ينقص منها شيئاً، وكأنه لم يحفظ من الكلام غيرها وذهب ..

ونفس القصه، ونفس الشيخ المطوع، قد حضر وقت صلاة العشاء ونفس المحاضرة رددها على مسامعنا ..جال بخاطري أن أقول له هل تسمح لي أن أتحدث عن الصلاة واهميتها بدل منك ..فخفت أن يأخذه العزة بالإثم ويجدد حبسي لليوم التالي لأنهم لا يستوعبون الكلام كما قلت لكم ..
وبعد صلاة العشاء تم اخلاء سبيلي أنا ومن كان معي من المحتجزين بتهمة عدم الصلاة ..
ودمت سالمين
آخوكم ناجح سلهب التميمي
#najeh_salhab


هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتب ومشرف مدونة الاسلام طريق النجاة youtube facebook facebook twitter

تعليقات

https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js
التنقل السريع